Skip to main content
مستقبل تعليم الطلبة النازحين بين المطرقة والسندان Facebook Twitter YouTube Telegram

مستقبل تعليم الطلبة النازحين بين المطرقة والسندان

المصدر: وكالة الحدث الإخبارية

نصار النعيمي

الحروب والنكبات والأزمات تلقي بضلالها على كل نواحي المجتمعات، وتستمر بأبعادها ما بعد انتهاء الازمات لسنين طويلة، كثيرة هي الصعوبات التي خلفها تدنيس داعش لعدد من المحافظات العراقية، وتسببه بنزوح الملايين من العراقيين داخل وخارج البلاد.

النزوح أثر سلباً على المستوى التعليمي والتربوي للطلبة النازحين، في داخل وخارج العراق. على المستوى الداخلي وقفت الحكومات السابقة ووزارة التربية موقفاً مشرفا عند فتحها ممثليات في إقليم كردستان لتستوعب العدد الأكبر من الطلبة النازحين والكوادر التربوية منذ عام 2014، وتستأجر مباني أهلية وأخرى تبرعت بها مديريات تربية الإقليم ليكون دوما مزدوجاً أو ثلاثياً من أجل استمرار العملية التربوية.

على مدى ما يقرب من عشرة أعوام وبعد الانتهاء من تحرير المحافظات المحررة تباعاً عادت الكثير من العوائل النازحة الى مناطق سكنها الاصلية، رويداً رويداً بحسب ظروف العائلة وعمل أفرادها، وبدأت أعداد النازحين تنخفض.


بتاريخ 13-2-2024 قررت الحكومة العراقية إغلاق كافة ممثليات وزارة التربية العراقية في إقليم كوردستان بموجب كتابها المرقم 4920 الصادر من وزارة التربية والذي ينص على إغلاق جميع الممثليات بحلول 30 تموز من هذا العام.


ووفقا لمسؤول في إحدى تلك الممثليات في أربيل، فإن "القرار سيتضرر منه أكثر من 140 ألف طالب عراقي متواجدين في محافظات الإقليم."


وبحسب مصدر مطلع فأن ممثلية التربية في عموم الإقليم تضم 100 مشرفاً تربوياً، أما المعلمون في أربيل فيبلغ عددهم 2055، والمدرسين 1426، أما الموظفون الاداريون فيبلغ عددهم 578 موظفاً، ويبلغ المجموع الكلي للموظفين 4159، أما عدد المدارس الابتدائية فيبلغ 92 مدرسة، وعدد المدارس الثانوية 67 مدرسة، ويبلغ المجموع الكلي للمدارس 159 مدرسة، ويبلغ عدد الطلبة والتلاميذ في عموم أربيل 69511 طالباً وطالبة.

وتضم ممثلية تربية دهوك 69511 طالباً وطالبة، وعدد المدارس يبلغ 136 مدرسة، ويبلغ عدد الملاكات التعليمية 1596
موظفاً وموظفة.

والى ممثلية السليمانية يبلغ عدد الطلبة والتلاميذ 32000 ألفا، ويبلغ عدد المدارس 84 مدرسة، وعدد الملاكات التربوية 1656 موظفاً وموظفة.

لقى القرار أراءً متباينة ما بين مؤيد ومعارض، وأولياء أمور الطلبة والطلبة والتلاميذ وبعض الكوادر التربوية في محافظات الإقليم نظموا وقفةً احتجاجية مطالبين بإلغاء القرار.

وأثار القرار احتجاجات للطلبة والمدرسين وموظفي الممثليات في الاقليم، مطالبين الحكومة العراقية بإلغاء القرار، وطالبوا اليونيسف والمنظمات الاخرى بدعمهم، ولهذا الغرض نظم المعنيون بالقرار تظاهرة أمام ممثلية وزارة التربية العراقية في أربيل.


وعدَ المواطن قيصر الدليمي (من الرمادي) "هذا القرار بمثابة التهجير القسري للمقيمين والنازحين الذي لا يمكنهم العودة الى مناطقهم الاصلية لأسباب مختلفة.

احدى الكوادر التربوية التي فضلت عدم ذكر اسمها قالت: انا مدرسة من العاصمة بغداد تزوجت من مواطن يسكن أربيل ولدي أربعة أولاد وزوجي موظف حكومي في الاقليم كيف اعود الى الانبار وهو لايستطيع ان يترك وظيفته.

وأكد الناشط في مجال حقوق الإنسان، أوس الحبار، أن العائلات النازحة لا تملك غير المناشدات والوقفات الاحتجاجية، مبيناً أن القرار لا يراعي الظروف التي يعيشها العراقيون.

عمر الاعظمي، وهو أحد أهالي العاصمة بغداد، يقيم في اربيل، تحدث قائلاً: إن القرار تعسفي لم يراعِ حق التعليم للعراقيين بموجب قرارات الأمم المتحدة، ويسرد الاعظمي أن عمله في أربيل جيد ولا يحب ان يعود، واصفا المعيشة في محافظات الإقليم بالأفضل من باقي المحافظات.

أولياء الأمور طالبوا رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في بيان "الابقاء" على تلك المدارس بما يضمن حصول جميع التلاميذ والطلاب على التعليم الأساسي وفق منهاج وزارة التربية العراقية ولجميع المراحل التعليمية، مؤكدين ارتفاع تكاليف التعليم في المدارس الأهلية والتي لا يمكن لكل المواطنين المقيمين والنازحين من دفع أجور دراسة أبنائهم.

موضحين أن العائلات التي يرتاد أبناؤها تلك المدارس هم من محدودي الدخل والفقراء الذين اضطروا للنزوح إلى إقليم كوردستان بسبب الظروف القاهرة في مناطقهم الأصلية وصعوبة العودة إليها في الظروف الحالية.

وشددوا على حق السكن المكفول لجميع العراقيين الذي ضمنه الدستور العراقي وفق المادة 44 من الفقرة الأولى التي تنص على أنه "للعراقي حرية التنقل والسفر والسكن داخل العراق وخارجه".
علي عبدالله من أهالي ناحية الصينية في قضاء بيجي بمحافظة صلاح الدين، قال إنه " يعيش مع عائلته ولا يستطيع العودة لمنطقته في الوقت الحالي وسيضطر للبقاء في السليمانية، رغم كونه يعيش داخل مخيم للنازحين"، نظراً لوجود مشاكل عشائرية تتعلق بقضايا داعش تمنع عودة العائلة في الوقت الحالي.
من جانبه، أكد فلاح محمد وهو تربوي في إحدى مدارس النازحين بالسليمانية ان، "منزله تعرض للتدمير الكامل جراء العمليات العسكرية والحرب على داعش في حديثه بمحافظة الانبار وليس لديه الامكانية في إعادة بنائه فضلاً عن تأخر صرف التعويض له".


وتعيش الآلاف من العوائل العربية في إقليم كردستان قبل اجتياح تنظيم داعش للمحافظات العراقية، ما يضطرها لإدخال أبنائهم في مدارس النازحين، بسبب وجود مدارس محدودة تابعة لحكومة الإقليم تدرس باللغة العربية.

سامي بابا اللوس مواطن موصلي مسيحي يقول: قبل عقدين من الزمن تعرض المسيحيون الى التهديد والمضايقات في مختلف المحافظات العراقية بعد استيلاء البعض على ممتلكاتهم ما اضطرنا الى الانتقال والسكن في إقليم كردستان قبل عام 2014، وبعد اجتياح تنظيم داعش وتهجير جميع المسيحيين سكنوا محافظات الإقليم وهاجر عدد كبير منهم الى اوربا وأستراليا وبلدان اخرى، وبما انني وعائلتي نعتز ببلدنا رفضنا الهجرة خارج البلاد متحملين الغربة عن مناطقنا ودورنا الاصلية وتكيفنا على الحياة في الإقليم وبعد هذا القرار، نحن حائرون أين سيتلقى احفادنا وابناؤنا التعليم وليس لدينا إمكانية لتسجيلهم في المدارس الاهلية، ويصعب علينا العيش في بعض مناطقنا الاصلية وبدأت عائلتي بالتفكير بالهجرة الى خارج الوطن بعد هذا القرار.


من جهته دعا النائب عن محافظة نينوى شيروان دوبرداني، وزارة التربية الاتحادية إلى التراجع عن قرار إغلاق ممثليات الوزارة في إقليم كوردستان هذا العام، مؤكداً أن إغلاق الممثليات نهاية العام الدراسي الحالي سيوثر سلبا على النازحين الموجودين في الإقليم.


عضو تحالف تقدم عن محافظة صلاح الدين سجى البياتي، قالت في تصريح صحفي، إنه "لا توجد أرقام محددة لعدد الأسر النازحة من صلاح الدين الى اقليم كوردستان، لكن هنالك نحو 285 ألف طالب بمختلف المراحل مسجلين لدى الممثليات في اربيل والسليمانية ودهوك لكافة النازحين، ونحو 40 ألف عائلة تسكن المخيمات في اقليم كوردستان، وأشارت البياتي الى وجود مئات العوائل تسكن خارج المخيمات في اقليم كوردستان"، موضحة أن "غالبية العوائل النازحة من قضاء طوخورماتو سكنوا بين مركز القضاء وكركوك، ونسبة منهم في اقليم كوردستان خارج المخيمات"، وشددت البياتي على أنه "لا تتوفر في قضاء طوزخورماتو مدارس لسكانه الاصليين والنازحين، حيث أصبحوا عبئاً عليهم، لذلك تشهد المدارس دواماً مزدوجاً وثلاثياً في المبنى الواحد.

ويرى تربويون أنه توجد بعض البدائل التي يمكن أن تُطرح لحلّ هذه المشكلة، منها تحويل الممثلية الى مديرية عامة كون الكوادر استقرت في سكنها بالإقليم، وأيضا بحاجة الى دعم المدارس العربية في إقليم كردستان، كما يُمكن إنشاء مدارس حكومية جديدة في إقليم كردستان لاستيعاب الطلبة العرب، وأعرب أخرون عن رفضهم لقرار إغلاق المدارس العربية في إقليم كردستان، واعتبروا أنه قرار خاطئ سيُؤثّر سلبًا على مستقبل الطلبة العرب.


ويعزو أخرون قرار غلق مدارس في الإقليم، بالسياسي للضغط على جهات معينة، من الممكن ألا يخدم العملية التربوية.

قرارات جديدة تصدر بين الحين والأخر، تحتاج الى دراسة مستفيضة لوضع حلول كاملة لوضع ممثليات التربية في إقليم كردستان، فلا الغلق السريع سيخدم العملية التربوية، ولا الإبقاء بدون حلول سيحل المشكلة.

Opinions