Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

فتاة في الليل

تأخرت هذا اليوم دونًا عن كل الأيام في العودة للبيت، كنت أجول بعربتي الصغيرة أبيع ما تبقى فيها من فواكه وخضار، وفجأة لمحت فتاة تجري نحوي تستنجد بي، مذعورة وخائفة وتلهث من شدة جريها، قالت لي بصوت مُضطرب:" يا عم .. يا عم، أرجوك ساعدني!!"

هدأت من روعها وقلت لها:" لا تخافين، ما المشكلة يا ابنتي، ولمْا أنتِ وحدك في هذا الليل؟!"، قالت:" أنها فتاة تدرس وتعمل، ثم أردفتْ تُكمل، أنني طالبة في الجامعة أدرس في النهار، وفي المساء أعمل لكي أنفق على دراستي وأساعد والدي في المصروف، وبينما كنت اليوم خارجةٍ من عملي كالعادة في توقيتي بالضبط، لمحتْ سيارة تلاحقني وتقترب مني، ومن بداخلها يرمقونني بنظرات غريبة ويلقون على مسمعي ألفاظ بذيئة وكلمات جارحة، فخفتْ منهم وجريتْ بأقصى سرعتي!". 

ثم قالت:" أترجاك يا عم أن أقف عندك قليلا ريثما يغادرون في سبيلهم، هذه أول مرة يحدث معي هذا، لا أعلم لمْا يفعلون ذلك"، طمأنتها بعدم الخوف، ثم سرتْ معها للشارع المقابل واستأجرت لها سيارة أجرة توصلها لبيتها في أمان. وبينما هي في طريقها للعودة قالت لي:" أعتذر يا عم على إزعاجك ... وشكرا لكَ".

ذهبتْ بسلام وغابتْ لكن وجهها المُكتسي بالصفرة من الفزع والخوف من المجهول لمْ يغبّ عن مُخيلتي! فتاة تكافح وتُضحي من أجل مُستقبلها ورسالتها وحياتها، فتاة يحمل وجهها كل البراءة والرقة، لم تكن قد وضعت في حسابها أنهُ ممكن في يوم من الأيام أن تصادفها هكذا أمور غريبة من بشر يحملون طبائع وتصورات وظنون أغرب! بشر ليس لهم ألا الظاهر والقيل والقال!

أنا أيضا عدت أدراجي للبيت، وفي الطريق كنت أفكر وأقول بيني وبين نفسي:" كم فتاة وفتاة في مُجتمعنا لحقها الأذى والألم؟! كم فتاة لقُبتْ بالساقطة لمُجرد أنها كانت تسير وحيدة بالليل؟! كم من فتيات قبعنْ خلف الأسوار بسبب بشر لا يستحقون الكلمة؟! كم من فتاة وضع حولها ألف علامة تعجب واستفهام؟! مع الأسف على مجتمع ما زال يظن ويؤمن، أن فتاة وحيدة في الليل ليس لها معنى واحدٍ وهي أنها " فتاة ليل أو ساقطة"! 

مع الأسف على بشر ينسون أن الحياة فيها الكفاح، المرض، الفرح، الشدائد، الفقر، الحاجة ....الخ! مع الأسف على بشر ينسون حين يتهمون وينتقدون غيرهم، بأنهم بشر مثلهم ولكن عقلياتهم ما زالت مقيدة بأفكار ذا نزعة فردية!

 بشر يحللون ويفسرون ويفترضون ويظلمون من خلال مقياسهم وزاويتهم، وفي النهاية تمضي حياتهم في هذا العالم حسب تلك الأفكار والنزعات، فيظلمون نفسهم ويظلمون غيرهم وهم في دور الظالم! بشر ناقصي الثقافة، ينمون في مجتمع ناقص، لينتجوا أفرادًا ناقصين!   

 

صفحتنا على الفيس بوك/

http://www.facebook.com/pages/%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%A7%D8%AA%D8%A8%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%82%D9%88%D9%82%D9%8A%D8%A9-%D8%B3%D9%87%D9%89-%D9%82%D9%88%D8%AC%D8%

Opinions
المقالات اقرأ المزيد
نشرت صحيفة المدى في عددها الصادر في بغداد رقم 3271 بتاريخ 25/1/2015 عن استحداث تنظيم مدني جديد تحت عنوان تجمع نساء لعراق مدني نشرت صحيفة المدى في عددها الصادر في بغداد رقم 3271 بتاريخ 25/1/2015 عن استحداث تنظيم مدني جديد تحت عنوان تجمع نساء لعراق مدني و لأهمية هذا الحدث نعيد نشره على موقع نركال شتان ما بين العودة و البقاء، المركز يعلن اغلاق المخيمات و الاقليم ينفي شتان ما بين العودة و البقاء، المركز يعلن اغلاق المخيمات و الاقليم ينفي مرت اكثر من 9 سنوات على مغادرة حسين لقريته لكنه لازال ينتظر العودة إليها مجدداً، دعم دول و مشاريع بالجملة دون اتخاذ الاهم بعين الإعتبار فلازالت الشوارع و البنية التحتية مهدمة في سنجار و لازالوا يعانون من نقص في الخدمات متى تتجرأ هيئة الإعلام والإتصالات وتقطع لسان الفتنة الطائفية؟ فراس الغضبان الحمداني/ علمتني التجربة الصحفية واطلاعي على تجارب العالم في مجال حرية التعبير من أقصى الغرب إلى أقصى الشرق بان هذه الحرية لها حدود وتمارس في ظل تشريعات ولوائح للانضباط الداخلي والسلوك الأخلاقي ، مع قرب الذكرى التاسعة.. متى تستيقظ سنجار من الكابوس؟ مع قرب الذكرى التاسعة.. متى تستيقظ سنجار من الكابوس؟ مع قرب مرور 9 سنوات على طرد تنظيم "داعش" من قضاء سنجار الواقع غربيّ محافظة نينوى شماليّ العراق، ما يزال أكثر من 300 ألف من سكان القضاء يعيشون في مخيمات النزوح.
Side Adv1 Side Adv2