Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

التنمية السياسية ومتطلبات المرحلة الراهنة

د. ضياء الجابر الاسدي/
تعد التنمية السياسية مرتكزاً أساسياً من مرتكزات التنمية الحديثة في المجتمعات المعاصرة، فهي حاجة ملحة وضرورية في أي مجتمع، ومنها مجتمعنا العراقي بعد التغيرات التي طرأت على المشهد السياسي منذ عام 2003، وبالتحديد الانتخابات الأخيرة لمجلس النواب، وما أنتجته من بروز قوى سياسية إلى واجهة السلطة، نتج عنها بعد مخاض عسير حكومة الشراكة الوطنية أو الوحدة الوطنية كما نراها ويراها آخرون.

أن التنمية السياسية تقوم على مرتكزات ثلاثة في مقدمتها المساواة والعدالة بين جميع أفراد المجتمع دون الانحياز أو المحاباة لجهة أو فرد على حساب آخر، وهذا الأمر لا يتم إلا من خلال وجود تشريعات تسري أحكامها على الجميع دون تمييز، وهذا ما أكدته المادة (14) من دستور جمهورية العراق لعام 2005، والتي جاء فيها ((العراقيون متساوون أمام القانون دون تمييز بسبب الجنس أو العرق أو القومية أو الأصل أو اللون أو المذهب أو المعتقد أو الرأي أو الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي)).

كما أكدت المادة (16) على مبدأ العدالة وتكافؤ الفرص بين الجميع بقولها ((تكافؤ الفرص حق مكفول لجميع العراقيين، وتكفل الدولة اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحقيق ذلك)).

فالقواعد القانونية يجب أن تكون عامة وموضوعية تسري على الجميع، لتكون النصوص الدستوري الخاصة بالمساواة والعدالة مطبقة فعلاً وليس حبر على ورق، مع مراعاة قاعدة التمييز الايجابي بين الأفراد أو الفئات، والإبقاء على حيز منها في التطبيق، كالشهادة العلمية المتخصصة أو الجنس.

فمتى طبقت هذه المبادئ حققت نسبة مشاركة أو مساهمة شعبية اكبر في صياغة ووضع السياسات العامة من خلال اختيار الأشخاص المناسبين الذين يتقلدون مناصب السلطة في الدولة بدء من العضوية في مجلس النواب صاحب الاختصاص الأصيل في سن التشريعات المؤكدة والراعية لهذه المبادئ، ليأتي بعدها دور السلطة القضائية الراعية لتطبقها تطبيقاً قانونية من خلال إعمال النص القانوني الخاص بتلك المبادئ، ثم دور السلطة التنفيذية المطبق الواقعي لتلك الأمور على ارض الواقع، ومعرفة ما يعتريها من إشكاليات في التطبيق.

والمرتكز الثاني هو توافر التخصص والقدرة على الأداء والفصل بين الأدوار، فالمجتمع المتطور يحتاج إلى الكوادر المتخصصة التي تعمل على رفع الوعي السياسي لدى المجتمع من خلال جملة من النشاطات والأعمال والمساهمات كلاً حسب اختصاصه الدقيق، فعندما يعطى العمل لأصحاب الاختصاص نجد الإبداع والرقي في انجاز العمل الأمر الذي يحقق الثمرة والنتيجة المرجوة في التنمية والتقدم من وراء هذا التخصص، مع إيجاد المؤسسات الكفيلة لضمان هذا التخصص والتي تعمل على إيجاد الحلول السليمة الفعالة عند وقوع الخلاف بين الجهات ذات العلاقة.

كما يحتاج المجتمع في بنيته العامة إلى مرتكز ثالث يتمثل في القدرة على تحقيق الوحدة بين لبنات المجتمع وبناء الانسجام بين طبقاته جميعاً وإزالة التوتر بين أفراده، وقدرته في الاستجابة لمتطلبات الشعب والأمة والقدرة على التكيف ومواجهة التحديات، وهذا هو دور العقلاء والحكماء من الناس، وهنا يبرز دور المثقف للقيام بدوره الحقيقي في التنمية والتغيير.

ان الخلل الذي يصيب إحدى هذه المرتكزات يؤثر سلباً في مسيرة التنمية السياسية، وقد يؤدي إلى انهيار النظام السياسي الحاكم أو تراجع شعبيته، ومن ابرز المصاديق ما حصل ويحصل للأنظمة السياسية في الدول العربية، التي حكمت بالبطش والقوة وتفردت بالسلطة حتى صارت مثالاً للدكتاتورية بغض النظر عن نوع النظام السياسي المعتمد فيها جمهوري، برلماني، ملكي، فهي لم تراعي متطلبات الجماهير وحاجاتها، وخلقت فجوة بينها وبين شعوبها، حتى أصبحت السلطة في عزلة تامة من الجماهير، التي لا ترى سوى مصالحها بالحفاظ على السلطة بشتى الوسائل والطرق المشروعة وغير المشروعة، حتى طفح الكيل بتلك الشعوب فانتفضت على دكتاتوريات الحكم، مطالبة بالإصلاح والتغيير الذي لابد منه وان طال عليه الأمد.

* مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات

http://adamrights.org






Opinions
الأرشيف اقرأ المزيد
مشكلة اليسار العراقي " قول الصدق في زمن الخديعة عمل ثوري "- جورج أورويل في فوضى التعابير والمصطلحات السياسية، اختلط الأمر على البعض، فاعتبر كلمة (اليسار) مرادفة مظاهرات أحتجاجية ضد حزب (البارتي) في تللسقف أثر اعتدائهم على كاهن البلدة شبكة أخبار نركال/NNN/خاص/ أفادت مصادر مصادر شبكتنا اليوم 16/4/2010 بقيام مظاهرة سلمية، قام بها د.علاوي :"وحدة العراق" اندمجت اندماجاً كاملًا في كتلة العراقية.. البولاني: الاندماج مع العراقية خطوة لتحقيق طموحات العراقيين شبكة أخبار نركال/NNN/ اكد د.اياد علاوي رئيس كتلة العراقية الامين العام لحركة الوفاق الوطني العراقي ان آه ياعراق لماذا كل هذه القسوة على الأبناء؟ ما ذنب هذا الشعب الجريح الذي ينزف دماً منذ مئات القرون وتزهق أرواح أبنائه مجاناً كأنهم يدفعون ضريبة اللعنة الإلهية التي حلت عليهم لذنب لم يرتكبوه سوى كونهم ولدوا عراقيين؟ لو كان بيننا في العراق روائياً عظيماً من قامة غابرييل غارسيا ماركيز لكتب لنا رواية
Side Adv2 Side Adv1