Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

ثقافة (التسخيت )

 

 

أدخل صاحبه يدفعه الى غرفة الطواريء في المستشفى و هو يبحث له عن مخبأ , لم يكونوا من المرضى أو من الاطباء فكلاهما يرتدي ملابس تشبه تلك التي يرتديها من يعمل في المستشفى ,  حيث كنت مرافقاً لصديقٍ تعرض لوعكة صحية أجلس صاحبه بجانبي و قال له ( أكعد هنا.. ترة من يشوفوك ايشغلوك ) جلس هذا الفتى لساعة قلقاً متفادياً الجميع مختبئاً حتى لا يعمل المهام الموكلة اليه التي لا تتعدى تنظيف بعض الممرات او نقل انبوبة اوكسجين من هنا الى هناك او نقل أحد المرضى على الكرسي المتحرك , تذكرت في هذا الموقف عمال التنظيف الذين يلوذون في إحدى زوايا شارع ما مع مراقبهم لحين أنتهاء فترة الدوام جالسين يتحدثون بقصصهم و اخبار فرقهم الرياضية او مغامراتهم في لعبة القط و الفأر مع المراقبين من البلدية على أن لا يقوموا بمهمتهم في تنظيف الشوارع و من ثم يذهبون ليستلموا أجرهم عما قاموا به من ( سوالف ) , 

توجهت للشاب و سألته هل أنت مريض ؟ قال :  لا  أنا بصحة جيدة ,, اذن لماذا تختبئ و تتهرب من العمل ؟ اريد (أسخّت ) .. !! حتى ما يشغلوني .. أنت تأخذ أجراً مقابل عملك فلماذا لا تحلل (خبزتك)  .. الا يكون أجرك حراماً ان لم تؤدي عملك ؟ 

لم يحر صاحبي جواباً ثم هز يده و خرج من الردهة دون ان يلتفت وراءه  ...

لقد أصبحت ثقافة (التسخيت ) هي القاعدة في كل تعاملاتنا الوظيفية او المهنية فنادراً ما نجد موظفاً ملتزماً بدوامه بالكامل بل تجد أغلب الموظفين يبحثون عن الأعذار و الحجج ليشغلوا أنفسهم بأمور معينة على أن يؤدوا مهامهم الوظيفية و لا نجد صوتأ لضمير يحاسب هولاء المقصرين فمن أراد الا يؤدي عمله سيجد الاف الحيل و الإبتكارات من أجل (التسخيت) و لن يكون هناك من رقيب الا ضميره و شعوره بالمسؤولية التي تخلق الاخلاص في العمل و الاخلاص لا يؤتي ثمره الا إن توفر الحب للعمل أو الوظيفة و الشعور بأنه جزء من منظومة متكاملة من الافراد اذا قصر هو في أداء واجبه خلق ذلك خللاً في كل المنظومة فعندما يقصر المعلم أو الطبيب أو الموظف أو عامل النظافة في أداء جزء من وظيفته سينعكس الخلل على الجميع و يصيب المجتمع عدوى أمراض مجتمعية خطيرة قد يكون علاجها أو التخلص منها يحتاج الى جيلين أو أكثر من النقاهة و من أخطر هذه الامراض هو هذا المرض الخطير الذي أنتشرت عدواه كالنار في الهشيم و بات غاية بحد ذاته و أصبح الموظف المخلص في اداء واجبه عنصر غريب و نادر و ربما يكون منبوذاً من باقي الموظفين  لأنه الاستثناء من القاعدة , أننا أمام نموذج رائع للإخلاص الوظيفي نرى نتائجه ملموسة و هو اليابان ذلك البلد الذي وصل الى أرقى مصافي التطور و التقدم رغم خروجه منهزماً و منكسراً من حرب كونية الا أنه نهض مارداً و غزى أعدائه في عقر دارهم ببضاعته لأنها كانت الافضل و كل ذلك بفضل الإخلاص و التنظيم و أحترام الوقت و الشعور بالمسؤولية , قد يبرر البعض عدم ألتزامه بوظيفته بالأوضاع التي يمر بها البلد و ما مر به من قبل في زمن الدكتاتورية و لكن لا يمكن أن يكون هذا مبرراً للخطأ , لأن التصحيح يبدأ من القاعدة ثم يفرز و يفرض بدوره التصحيح على أعلى المستويات فكل منا يمسك لبنة بيده فأما أن يضعها في مكانها بإتقان ليكون البناء جميل و سليم و معافى و أما يضعها مشوهة فيكون البناء كله مشوه و ضعيف و متخلخل و الأمر لكم و دمتم سالمين .  

 

Opinions
المقالات اقرأ المزيد
أزمة تضاؤل وجود المسيحيين في العراق بلا حلول قريبة أزمة تضاؤل وجود المسيحيين في العراق بلا حلول قريبة ظلت المسيحية في العراق لقرون خلت من قبل مجيء الإسلام محتفظة بطابعها السرياني – الآشوري، لغة وأسلوب حياة، ولم تتعرب كما حصل في بلاد الشام ومصر، والأوضح في هذا الواقع هو بقاء اللغة والكتابة السريانية كلغة تخاطب يومي تفجيرات الكرادة... مشروع فشل الحكومة العراقية لم يكن تفجير الكرادة بغريب أو مستغرب،لأنه إمتداد لنهج وسلوك الإرهاب الدموي الضارب في العراق، الذي يستغل فشل الحكومة في حماية النسيج الوطني العراقي المتنوع في الموصل وصلاح الدين وغيرها من المحافظات خاصة بعد سقوط الموصل في 10 حزيران 2014، ان هذا النهج وفي ظل العقلية التطرفية المتشددة التحرر في العقل سهى بطرس قوجا/الحياة لا قيمة لها ألا إذا عشناها مع الآخرين بــ حرية عقلية، ووجدنا فيها ما يستحق من أجلهِ أن نكافح ونستمر، وتلك القيمة تأتي من خلال نظرة متوازنة لكافة أمور الحياة ولكل ما موجود فيها دروس رضوية نـزار حيدر/الدرس الاول: في خطوة سياسية مدروسة، قبل الامام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) وهو الامام الثامن من ائمة اهل بيت
Side Adv1 Side Adv2