Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

الانانية وحب الذات

نقرأ في الكتاب المقدس، وتحديداً أحد الوصايا العشر التي تقول:" أحب قريبك حُبكَ لنفسكَ". تعني أن حب الإنسان وفهمه للآخر، نابع من حبهِ لذاتهِ. أي بمعنى إذا كنت أحب ذاتي، فيجب أن يكون حبي للآخر نابع من هذا الحب، يعني حبي لقريبي، فهذا يعني أنهُ أحب ذاتي وأقدسها وأحترمها، وإذا أظهرت عدم حبي واحترامي للآخر، فهذا معناه أنني لم أستطع أن أحب ذاتي وأنني أنانيًا وبخيلٌ. فبحبنا لذاتنا فإننا نسعّى لتهذيبها وصقلها والرقي والسمُّو بها ومن ثم نشارك هذا الآخر فيها.
كتب مايستر إيكهارت"، فيلسوف وعالم لاهوت (1260- 1328) فكرتهُ عن حب الذات قائلاً:" إذا أحببت نفسك، فقد أحببت كل شخص آخر كما تفعل إزاء نفسك، وطالما أنك تحب شخصًا آخر أقل مما تحب نفسك، فلن تنجح حقًا في حبك لنفسك. ولكن إذا أحببت الجميع على السواء بما في ذلك نفسك، فسوف تحبهم كشخص واحد، والذي هو (الله والإنسان)، ومن ثم ستكون شخصًا عظيمًا وعلى حق ذلك الذي يُحب نفسه ويُحب جميع الآخرين على السواء".
هكذا نلاحظ أن حب الإنسان لنفسه وللآخر وللآخرين على صلة واحدة، أي إذا كان هذا الحب قائم، فأن الأنانية تنتفي أمامهُ ولا يكون لها وجود. والأنانية هي ضد حب الآخر، لأن الشخص الأناني لا يحب إلا ذاتهِ ويهتم بها أكثر وأحيانًا على حساب الآخر، حب النفس المُبالغ فيه، المُنغلق على نفسه، حب يريد كل شيء لنفسه دون غيره، حبُ امتلاك الآخر والسيطرة عليه. ولكن في الحقيقة هو يكره ذاتهُ ويُمقتها، لأنهُ في الواقع يحصرها في دائرة فكره المُنغلقة، ولا يبذل سوى مُحاولة فاشلة لتغطية فشلهِ في العناية بنفسه الحقيقية والتي هي جوهره المكنون فيه (جوهر الإله الكائن في كل إنسان). فهل يوجد إنسان يكره ذاتهُ، أو يبخل عليها، أم هل يوجد إنسان يريد الفشل لذاته أو يذمها؟ وعن الأناني كتب "أريك فرام" في كتابه المعنون "هروب من الحرية" قائلا:" الأناني يعيش دومًا في قلق وهو مشغول في نفسه، أنهُ يعاني شعوراً حاسداً، حارقاً، لرؤية إنسان آخر يتمتع بأكثر مما يملك هو، هذا النوع من البشر لا يحب ذاتهُ أبداً، بلْ في العمق يكره ذاتهُ".
نقرأ أيضا في مقولات الآباء، هذا القول الرائع:" إذا كنت لا أحب نفسي، فمن يُحبها؟ وإذا كنت لا أحب ألا نفسي، فأي إنسان أنا؟! كذلك نلاحظ قول بولس الرسول في رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس يقول:" لو تكلمتُ بلغات الناس والملائكة، ولا محبة عندي، فما أنا إلا نحاسٌ يطنُّ أو صنجٌ يرنُّ". (1 كورنثوس 13: 1). فالأنانية Egotism هي حب الاكتفاء بالذات وبالأنا (الذات الأنانية)، دون ترك مجال لحب الآخر واستيعابه واكتشافه وتفهمه والتضحية من أجلهِ، شدة حبهِ لنفسهِ يمنعهُ عن الانفتاح على الآخر واحتوائه، وليس شرطًا أن يكون هذا الآخر شريكًا لك، بل ربما يكون جارك، صديقك، قريبك ..الخ. وهناك مفردات متنوعة تستخدم لوصف الأنانية مثل: مُتمركز حول الذات، فردي، نرجسي، مُحب لذاته.
هل الأنانية سلوك متأصل أم مُكتسب؟
الإنسان الأناني يعاني من عدم الاتزان، يهتم بنفسه بشكل مُطلق أو مُبالغ فيه، بحيث يركز على مصلحتهِ ورغباتهِ الخاصة دون أي اعتبار لمصلحة الآخرين والمجتمع. وحب الذات من أجل معرفة كيف تحب الآخرين، يختلف كثيراً عن الأنانية التي تركز على حب الذات والاكتفاء بها ونبذ الآخرين، أي العمل في دائرة (الأنا المغلقة). وحب الذات صفة طبيعية موجودة داخل كل إنسان، فما من إنسان يكره ذاته أو يريد الشر لها. الإنسان يحب طفولتهِ، شبابهِ، بيتهِ، عائلتهِ، مصالحهِ، عملهِ، مجتمعهِ، تقاليدهِ، يحب الأكل الجيد ، اللبس الجميل، وأن يُمتع نفسهِ ويُترفها، فالإنسان بشكل عام يحب ذاته ويضحي من أجلها، لأنهُ موجود في هذا الوجود ومع الآخرين في المجتمع.
ولكن الأناني، يكتفي بوحدته وبفردانيته، يظن نفسه هو وحده الموجود، مُحدد في كل شيء، في تصرفاته مع نفسه ومع الآخرين، منغلق، يظن نفسه هو الوحيد القادر على توجيه الآخرين، وهو ألاحكم بينهم.
نلاحظ الأطفال مثلاً، في صغرهم يمتلكون من الأنانية، بحيث تصل إلى إيذاء أخوتهم الأصغر منهم، إما بسبب الغيرة والانفراد بحب الأم وحنانها، أو لكي يثبتوا لأنفسهم وللآخرين بأنهم الأفضل والأحسن، أو ربما أعجب بشخص أبيه أو أي شخصية أخرى في خياله الطفولي، فيتصرف تصرفات ليصبح مثلها، فنلاحظ اقتصار نظره على حاجاته الخاصة، وتتولد لديه الأنانية والسيطرة وحب الذات دون الآخرين وبأنهُ الأفضل وفعل كل محظور لإشباعها، ويهتم بنفسه وبمصالحه دون الاهتمام بمصالح الآخرين أو إعطاءها الأولوية، ومع مرور الأيام والسنين تصبح متأصلة في شخصيته في ظل غياب توجيه الوالدين لهُ، وتعليمه كيف يحب الآخرين لأنه موجود مع الآخرين.
خلاصة حديثنا نقول:
حبك لذاتك يبدأ من حبك للآخر وللآخرين، أي ليس حباً من طرف واحد وباتجاه واحد، لأنك لن تجد صداهُ، وستصطدم بواقع مريرٍ وخيبةٍ ولومٍ ومقتٍ، حبَّ نفسك بصدق كي تحب الآخرين وهنا تجد التوازن في حبك وفي نفسك أولاً، لأن الحب كيان وعلاقة تبادلية فيهِ أكثر من طرف. والإنسان إذا أراد العيش في مجتمع كانسان، لابد وأن يتنازل عن أنانيته أو غروره، ليستطيع التأقلم والتمتع مع الآخرين، بذات القدر من المحبة. بمعنى حبه لنفسه يجب أن يكون نابع من حبه للآخر والمحيطين به، لكي يشعر بإنسانيته وبشخصهِ، وبجوهره الحقيقي. أن تحب ذاتك، هذا شيء جميل، ولكن حبك لها يكون نابع من اقتناعك إن لهذا الآخر نصيب في هذا الحب دون مصلحة ذاتية ودون العمل من أجل (الأنا) فقط.
وهناك مقولة جميلة يردها الناس تقول:" أظلمُ الناسِ من يظلمُ نفسهُ". ونحن لا نريد أن تظلم ذاتك وتأسرها، بل تنطلق بها وتُطلقها كي تتواصل مع الآخرين وتجد ذاتك.
Opinions
الأرشيف اقرأ المزيد
موقف المانيا النازية من المسألة الآشورية بعد انتهاء فترة الانتداب البريطاني واعلان استقلال العراق وقبوله عضواً في عصبة الامم في 3 / تشرين أول /1932 ( عصبة الامم هي منظمة دولية انشأتها في 28 / نيسان / 1919 الدول الموقعة على معاهدة فرساي ، غايتها احياء روح التفاهم والتعاون بين الامم وضمان السلام حين يناقض المثقف نفسه بنفسه أن الثقافة التي تربينا عليها في قراءة الكتاب المنهجي يومَ كنّا نجلس على مقاعد مدراسنا وجامعاتنا,لم تتعدّى تقنياتها سوى ثقافة الحفظ و الاجترار من أجل إجتياز الإمتحان للحصول على وظيفة للعيش,كما أنها لم تكن في ميكانيكيتها دراسة لترويض متلقيّها على إثار بيان صادر عن كتلة العراقية حول محاولة اغتيال الشيخ كريم ماهود شبكة أخبار نركال/NNN/ صرحت الناطق الرسمية باسم كتلة العراقية السيدة ميسون الدملوجي بما يأتي: ايضاح صادر من مكتب السيد يونادم كنا عضو مجلس النواب حول ما يتم تداوله مؤخرا عن موضوع الخطأ الصادر عن الامانة العامة لمجلس الوزراء حول (الجالية المسيحية) نركال كيت/ على خلفية اجتماع في رئاسة مجلس الوزراء مع اساقفة ورجال دين مسيحيين، لتلبية بعض حاجات الكنائس في بغداد، وجهت الامانة العامة لمجلس الوزراء
Side Adv1 Side Adv2